أولًا: أقوال بعض الصحابة والتابعين في اسم الله (القيوم):
قال ابن عباس: {القيوم}: القائم الذي لا بدء له، الذي لا يزول ولا يحول. [تنوير المقباس من تفسير ابن عباس، ينسب: لعبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - (المتوفى: 68هـ) 1/36]
قال مجاهد: {القيوم}: القائم على كل شيء.
قال الربيع: {القيوم}: قيم كل شيء، يكلؤه ويرزقه ويحفظه.
قال السدي: {القيوم}: وهو القائم.
قال الضحاك: {القيوم}: القائم الدائم. [تفسير الطبري 5/388- 389].
قال قتادة: {القيوم}: القائم الدائم.
قال الحسن: {القيوم}: يعني القائم على كل نفس بما كسبت، حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به، لا يخفى عليه شيء منه.
قال سعيد بن جبير: {القيوم}: القائم الوجود.
قال أمية بن أبي الصلت: {القيوم}: أنه اسم من أسماء الله، مأخوذ من الاستقامة. [تفسير الماوردي 1/323- 324].
قال الكلبي: {القيوم}: القيوم الذي لا بدئ له. [تفسير القرطبي 3/ 271- 272].
ثانيًا: أقوال بعض المفسرين في تفسير اسم الله (القيوم):
1- قال الطبري: {القيوم}: القائم برزق ما خلق وحفظه. [تفسير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، 5/388].
2- قال السمرقندي: {القيوم}: يعني القائم على كل نفس بما كسبت، ويقال: القائم بتدبير أمر الخلق في إنشائهم ورزقهم ومعنى القائم: هو الدائم.. [بحر العلوم، أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي (المتوفى: 373هـ)، 1/167].
3- قال الماوردي: {القيوم}: قرأ عمر بن الخطاب القيام. وفيه ستة تأويلات: أحدها: القائم بتدبير خلقه , قاله قتادة. والثاني: يعني القائم على كل نفس بما كسبت , حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به , لا يخفى عليه شيء منه , قاله الحسن. والثالث: معنى القائم الوجود , وهو قول سعيد بن جبير. والرابع: أنه الذي لا يزول ولا يحول , قاله ابن عباس. والخامس: أنه العالم بالأمور , من قولهم: فلان يقوم بهذا الكتاب , أي هو عالم به، والسادس: أنه اسم من أسماء الله , مأخوذ من الاستقامة , قال أمية بن أبي الصلت. [تفسير الماوردي = النكت والعيون، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)، 1/323- 324].
4- قال القرطبي: {القيوم}: من قام، أي القائم بتدبير ما خلق، عن قتادة. وقال الحسن: معناه القائم على كل نفس بما كسبت حتى يجازيها بعملها، من حيث هو عالم بها لا يخفى عليه شي منها. وقال ابن عباس: معناه الذي لا يحول ولا يزول، قال الكلبي: القيوم الذي لا بدئ له. [الجامع لأحكام القرآن - تفسير القرطبي، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، 3/ 271- 272].
5- قال ابن كثير: {القيوم}: القيم لغيره وكان عمر يقرأ: "القيام" فجميع الموجودات مفتقرة إليه وهو غني عنها ولا قوام لها بدون أمره. [تفسير القرآن العظيم، أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)، 1/ 678].
6- قال جلال الدين المحلي والسيوطي: {القيوم}: المبالغ في القيام بتدبير خلقه. [تفسير الجلالين، جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى: 864هـ) وجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى: 911هـ)، 1/ 56].
7- قال الآلوسي: {القيوم}: الذي يقوم بنفسه ويقوم كل ما يقوم به. [روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، شهاب الدين محمود بن عبد الله الحسيني الألوسي (المتوفى: 1270هـ)، 2/13].
ثالثًا: أقوال بعض أهل العقيدة في اسم الله (القيوم):
1- قال ابن تيمية رحمه الله: اسمه "القيوم" يتضمن أنه لا يزول، فلا ينقص بعد كماله، ويتضمن أنه لم يزل ولا يزال دائما باقيا أزليا أبديا موصوفا بصفات الكمال، من غير حدوث نقص أو تغير بفساد واستحالة ونحو ذلك مما يعتري ما يزول من الموجودات، فإنه سبحانه وتعالى "القيوم". ولهذا كان من تمام كونه قيوما لا يزول أنه لا تأخذه سنة ولا نوم. [جامع المسائل لابن تيمية 1/55].
وقد قرأ طائفة "القيام" و"القيم"، وكلها مبالغات في القائم وزيادة، فهو قائم بالقسط وهو العدل، وقائم على كل نفس بما كسبت، وقيامه بالقسط على كل نفس يستلزم قدرته، فدل هذا الاسم على أنه قادر وأنه عادل.
فلفظ "القيام" يقتضي شيئين: القوة والثبات والاستقرار، ويقتضي العدل والاستقامة، فالقائم ضد الواقع، كما أنه ضد الزائل.
والمستقيم ضد المعوج المنحرف، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من قلب من قلوب العباد إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه". (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)، وقال: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم).
ومنه تقويم السهم والصف، وهو تعديله، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "أقيموا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة".
وكان يقوم الصف كما يقوم القدح.
ومنه الصراط المستقيم والاستقامة، وهذا من هذا، كما قال تعالى: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) من طريقة أهل التوراة.
وما يهدي إليه القرآن أقوم مما يهدي إليه الكتاب الذي [قبله] ، وإن كان ذلك يهدي إلى الصراط المستقيم، لكن القرآن يهدي للتي هي أقوم. ولهذا ذكر هذا بعد قوله: (وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل)، ثم قال: (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم) ولما كان القيام بالأمور بطريقة القرآن يقتضي شيئين: القوة والثبات، مع العدل والاستقامة، جاء الأمر بذلك في مثل قوله: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله)، و (كونوا قوامين لله شهداء بالقسط).
وقوله: (وأقيموا الشهادة لله) يقتضي أنه يأتي بها تامة مستقيمة، فإن الشاهد قد يضعف عن أدائها وقد يحرفها، فإذا أقامها كان ذلك لقوته واستقامته.
وكذلك إقام الصلاة يقتضي إدامتها والمحافظة عليها باطنا وظاهرا، وأن يأتي بها مستقيمة معتدلة. ولما كانت صلاة الخوف فيها نقص لأجل الجهاد قال: (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة)، فإن الرجل قد يصلي ولا يقيم الصلاة لنقص طمأنينتها والسكينة فيها، فلا تكون صلاته ثابتة مستقرة، أو لنقص خضوعه لله وإخلاصه له، فلا تكون معتدلة، فإن رأس العدل عبادة الله وحده لا شريك له، كما أن رأس الظلم هو الشرك، إذ كان الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ولا أظلم ممن وضع العبادة في غير موضعها فعبد غير الله، فعبادة الله أصل العدل والاستقامة. قال تعالى: (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين)، فأمر بإقامة الوجه له عند كل مسجد، وهو التوحيد وتوجيه الوجه إليه سبحانه، فإن توجيهه إلى غيره زيغ. وبالإخلاص يكون العبد قائما، وبالشرك زائغا، كما قال: (فأقم وجهك للدين حنيفا)، وقال: (فأقم وجهك للدين القيم).
وإقامته: توجيهه إلى الله وحده، وهو أيضا إسلامه، فإن إسلام الوجه لله يقتضي إخضاعه له وإخلاصه له.
وفي القرآن إقامة الوجه، وفيه توجيهه لله وإسلامه لله، وتوجيهه وإسلامه هو إقامته، وهو ضد إزاغته. فلما كانت الصلاة تضمنت هذا وهذا، وهو عبادته وحده وإخلاص الدين له وتوجيه الوجه إليه، كما فيها هذا العدل، فلابد من هذا ولابد من الطمأنينة فيها، وهي إنما تكون مقامة بهذا، وهذا هو الخضوع، فإن الخشوع يجمع معنيين: أحدهما الذل والخضوع والتواضع، والثاني السكون والثبات. ومنه قوله تعالى: (خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة)، ودوله: (خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي)، وهو الانخفاض والسكون. ومنه خشوع الأرض، وهو سكونها وانخفاضها، فإذا أنزل عليها الماء اهتزت بدل السكون، وربت بدل الانخفاض.
وقال: (كونوا قوامين بالقسط)، (قوامين لله). و"القوام" هو القيام. [جامع المسائل لابن تيمية 1/161 - 165].
2- قال ابن القيم رحمه الله: وصفة القيومية الصحيحة المصححة لجميع الأفعال، فالحي القيوم: من له كل صفة كمال، وهو الفعال لما يريد. [مدارج السالكين لابن القيم 3/252].